preloader-image-gif جاري التحميل ...

أساسيات تحميص القهوة: دليل إلى "الفرقعة الأولى" و"الفرقعة الثانية"

أساسيات تحميص القهوة: دليل إلى "الفرقعة الأولى" و"الفرقعة الثانية"

ما هي الفرقعة الأولى في تحميص القهوة؟


الفرقعة الأولى هي المرحلة في عملية التحميص التي تدخل فيها حبوب البن تفاعلاً طارداً للحرارة (Exothermic Reaction)، حيث تطلق الطاقة التي تراكمت بداخلها. عادةً ما تحدث عند وصول درجة الحرارة إلى حوالي 196° مئوية.


أثناء التحميص، تمر حبوب القهوة بسلسلة من التفاعلات الكيميائية نتيجة انتقال الحرارة، وتنقسم هذه التفاعلات إلى نوعين: ماصّة للحرارة (Endothermic) وطاردة للحرارة (Exothermic). هذه التفاعلات هي التي تؤدي في النهاية إلى حدوث الفرقعة الأولى.


المراحل السابقة للفرقعة الأولى:


  • المرحلة الماصّة للحرارة: في البداية تمتص الحبوب الحرارة من داخل أسطوانة التحميص (Drum)، مما يؤدي إلى بدء تفاعل بين الأحماض الأمينية والسكريات المختزلة، ويُعرف هذا التفاعل بـ تفاعل ميلارد (Maillard Reaction). هذا التفاعل مسؤول عن تكوين مجموعة واسعة من المركبات العطرية والنكهات داخل الحبوب.
  • يتسارع تفاعل ميلارد بين 120° و150° مئوية، ثم يتباطأ عند حوالي 170° مئوية، ليبدأ بعدها التكرمل (Caramelisation).
  • التكرمل هو شكل من أشكال التحلل الحراري (Pyrolysis) الناتج عن الحرارة، ويؤدي إلى تقليل الحلاوة وزيادة المرارة في الحبوب.
  • خلال هذه المراحل، تستمر الحبوب بامتصاص الحرارة وبناء ضغط داخلي.


الفرقعة الأولى:

عند وصول الحرارة إلى نحو 196° مئوية، تصدر الحبوب صوت فرقعة مسموع داخل الأسطوانة، يشبه صوت حبوب الفشار عند فرقعتها. وهذا ما يُسمّى الفرقعة الأولى.

في هذه اللحظة:

  • تدخل الحبوب مرحلة التفاعل الطارد للحرارة.
  • تطلق الطاقة المختزنة مع بخار الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من قلبها.
  • تتمدد فجأة وتطرد القشور الجافة (Chaff).
  • تبدأ بإصدار الدخان.
  • تنخفض درجة حرارة سطح الحبوب مؤقتاً بسبب التبخر السريع للماء، ويُعرف ذلك بظاهرة الوميض الماصّ للحرارة (Endothermic Flash).


أهمية الفرقعة الأولى للمحمّصين:

يشير خبير القهوة إيشان ناتالي، الذي يمتلك خبرة تتجاوز عقدين في القطاع وعمل مستشاراً لدى ستاربكس في جنوب أفريقيا، إلى أن الكثير من محامص القهوة المختصة يعتمدون على الفرقعة الأولى لتحديد المرحلة النهائية من التحميص.

"الكثير من محامص القهوة المختصة ينهون التحميص بعد وقت قصير من الفرقعة الأولى، إذ يساعد ذلك على إبراز الخصائص الطبيعية الزاهية للقهوة"، كما يقول. "لكن في بعض الأحيان قد يكون الطعم حامضاً جداً في التحميص الفاتح جداً. لذا، تحديد ما إذا كان يجب التوقف مباشرة بعد الفرقعة الأولى أو الاستمرار قليلاً يعتمد بدرجة كبيرة على تفضيلات الزبائن."




ما هي الفرقعة الثانية في تحميص القهوة؟


تحدث الفرقعة الثانية عادة عند وصول درجة حرارة الحبوب إلى حوالي 224° مئوية. في هذه المرحلة تبدأ الزيوت الداخلية للحبوب بالهجرة نحو السطح، ويصبح الدخان المتصاعد من التحميص أكثر سواداً وحدةً في الرائحة. تُعدّ هذه المرحلة سمة مميزة لملفات التحميص الداكن.


خصائص الفرقعة الثانية:


  • الصوت: الفرقعة الثانية أضعف وأدق من الأولى، وغالباً تشبه طقطقة خفيفة.
  • التغيرات في الحبوب: تبدأ الزيوت بالظهور على سطحها، وتزداد قابليتها للاحتراق.
  • الدخان: يصبح أكثر كثافةً وذا رائحة نفاذة.

أهمية مراقبة هذه المرحلة

من الضروري متابعة التحميص عن قرب عند هذه المرحلة، لأن خصائص الحبوب تتغير بسرعة كبيرة. فإذا تُركت لفترة طويلة داخل الأسطوانة:

  • قد تفقد القهوة نكهاتها المميزة حتى وإن كانت قوية في الأصل.
  • يطغى طعم محروق ومدخّن مع انخفاض واضح في الحموضة.
  • إذا تجاوز التحميص حدوداً معينة بعد الفرقعة الثانية، قد تبدأ القهوة بطعم يشبه الفحم مع قوام أضعف.
  • في الحالات القصوى، يمكن أن تشتعل الحبوب نتيجة الحرارة والزيوت المتراكمة.



متى يجب على المحامص إنهاء التحميص بعد الفرقعة الثانية؟


النقطة التي يختار فيها المحمِّص إنهاء التحميص تعتمد بشكل أساسي على ملف التحميص (Roast Profile) المرغوب.

  • التحميص الداكن: يتميز بالحلاوة والملمس الممتلئ مع نكهة محمّصة تقليدية.
  • التحميص الفاتح: أكثر حموضة، وغالباً ما يفضله مستهلكو "الموجة الثالثة" من القهوة الباحثون عن إبراز الأصل الجغرافي والنكهات الفاكهية.


أمثلة على تطبيقات مختلفة:

  • عند الرغبة في تحضير خليط إسبريسو، قد يمدّد المحمّص فترة التطوير بعد الفرقعة الأولى ليضمن نضج قلب الحبة وتوازنها.
  • في كتابه عن التحميص المنزلي، يوضح كينيث دافيدز الفروقات بين:
    • إنهاء التحميص بعد وقت قصير من الفرقعة الأولى → ينتج كوباً حامضاً وحلواً، بخفة شبيهة بالشاي.
    • إنهاء التحميص بعد وقت قصير من الفرقعة الثانية → ينتج كوباً داكناً متوازناً، خالياً من الحموضة، قوي النكهة، حلواً وممتلئ القوام مع طابع "محموص" واضح.


منظور القهوة المختصة:


يرى الخبراء أن تحديد ملف التحميص الأمثل قد يكون صعباً، لذا يُنصح المحمِّصون بالتشاور مع البارِستا الذين يتعاملون مباشرة مع المستهلكين.

"البارِستا هم الأعرف بما يحبّه الزبائن، ويمكنهم تقديم نصائح دقيقة حول النكهات المفضلة وأساليب التقديم"، كما يقول إيشان ناتالي.

ويضيف أن التعاون الوثيق مع البارِستا يمكّن المحامص من تعديل التحميص للوصول إلى النكهة المستهدفة:

  • تجربة القهوة كإسبريسو مباشرة.
  • اختبارها مع أنواع مختلفة من الحليب.
  • مقارنة النكهات على طاولة التذوق مقابل النتيجة في الكوب.

ملاحظة مهمة حول النضارة و تفريغ الغازات (Degassing)

بعد تحديد ملف التحميص المناسب، من الضروري ضمان وصول القهوة إلى المقهى أو المستهلك طازجة قدر الإمكان.

  • القهوة المحمّصة بدرجات داكنة تحتوي على ضغط داخلي أعلى، مما يجعلها تتحرر من الغازات بسرعة أكبر من التحميصات الفاتحة.
  • هذا يؤثر على فترة الراحة (Resting Time) المثالية قبل استخدامها في التخمير أو تحضير الإسبريسو.